مقال الدين 8 بقلم سماحة آية الله السيد القزويني(دام ظله)

مقال الدين (٨)  بقلم سماحة آية الله السيد زهير القزويني(دام ظله)

الانسان بطبيعته الأولية لا ينجذب للدين بل يفضل العاجلة على الآجلة وهذا منطق القوة والشهوة وليسمنطق العقل ، لا يعني ان الانسان لو اقبل على دنياه سيكون محلا للغضب الالهي فان ما ورد في ذم الدنياكثير ، وليس الامر كما يفهمه كثير بل المذموم من الدنيا هو ان الاقبال عليها بالمحرمات واما فيما حل اللهفليس مذموما كالاتجار والزواج واتخاذ الدور الوسيعة وانجاب الولد الى غير ذلك والدعاء بمد العمر فيخير وعافية والدنيا مزرعة الآخرة فالدين كما يفهم كثيرون خطأ ليس ان تقطع الدنيا وتكون في ركن من اركانالمسجد تقطع يومك بالصيام وليلك بالقيام ، لذا يقول الامام الحسن (ع) (اعمل لدنياك كأنك نعيش ابدا واعمللآخرتك كأنك تموت غدا) ان ترتب امورك بين هذين الامرين وتأتي بما هو المطلوب شرعا وما هو المنهي عنهوما عليك من واجبات وما لك من حقوق، القضية برمتها ان المرتكز في اذهان الناس اشتباها ان الدين يصادرالطموح ويقتلع الرغبة في العلم ويجهض كل مشروع بشري تنموي ، لا الدين محرك وموجد لكل هذهالاموروفاعليته واضحة وانما يقنن هذه الحزم الاجتماعية في ضمن نطاقه المصلحي ، مثلا لا يسمح لو كانت الغلبةله قانونا بان ينشأ معملا للاسلحة الجرثومية مثلا لما فيها من الضررر يتدخل في تقنين القانون مهما تطورفانك ملزم بان تخترع وتطور العلوم فيما هو صالح البشرية لا ان يكون وبالا عليها كمثل الاسلحة الفتاكةمثلا، فالدين يريد ان تكون طبيبا ومهندسا وفيلسوفا وكاتبا وشاعرا لان هذه نزعة انسانية ذاتية فيه اينزوعه نحو الكمال وهذه العلوم كلها من اسباب الكمال والرقي ،لذا نقل عن الامام الصادق(ع) انه كان يحضرتحت منبره الالاف في شتى العلوم كلهم يقول حدثني جعفر بن محمد(ع) ولقد يأتي في الذهن تساؤلا بأنهذا خنق للانسان ان يكون الدين معه في كل شاردة وواردة فانه لا يشعر بالحرية في الحركة،

الجواب:

انا لا اسميها خنقا للانسان ونعم هي تشريعات دقيقة ومتشعبة ولكن لم تشرع اعتباطا وانما شرعها المولىحسب فعل الانسان وقال ان كل فعل من افعال الانسان له حكم يجب على المكلف ان يراعيه ومهما تكثرتالقوانين فانها في صالح الانسا واضرب ل مثلا من واقع الحياة:

الا ترى انك اذا خرجت صباحا في مركبتك قاصدا عملك كم تشريع مروري تصادفه حتى تصل الى محلالعمل ؟ خذ على سبيل المثال السرعة محددة في الشارع فاذا كنت على ميسرة الشارع لك سرعة وفي الوسطسرعة وفي اليمنة سرعة وحزام الامان واشارات المرور ودوار له قانون خاص ومنطقة المدارس الى آخره منالتشريعات هذا الانسان في قضية حفظ النفس ولاضفاء الامان على ارواح الناس شرعت كل هذه القوانينبما لها من التشعبات ومع هذا هناك رجال مرور يراقبون اما بالعين او بالكاميرات الشوارع في حال سولتلاحد نفسه التجاوز ان يكون مراقبا حى لايقع في كوارث بشرية وصدامات تزهق فيها انفس بريئة ؟ ومع هذاالناس لم تشتك من كثرة القوانين بل بالعكس كما رأينا عقلاء الناس يمتدحون الدول الغربية على صرامةالقانون والشدة في تطبيقه ، فلماذا لا تكون هذه القوانين والتشريعات الالهية التي تشرع للبشر لاتكونبصالحه لماذا لا يعتبرها كذلك ؟ انه يعتبرها خنقا